
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
فالفكرةُ كلها تكمُن في أنني يجب أن أكونَ مثاليًّا وكماليًّا ولا أُخطئ، وأنا أعلم أن هذا خطأٌ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((كلُّ ابنِ آدم خطَّاء))، ولكن عندما أُخطئ أتضايق وأشعر بحزنٍ.
و بالنهاية السعي نحو الكمال يختلف عن وضع أهداف يمكن الوصول إليها و التمتع بنشوة إنجازها و تحقيقها ، و لتكن أهدافك مدروسة ضمن المعطيات المتوفرة لديك، و تجنب المقارنات ، فأي تقدم تنجزه في حياتك هو نجاح و أي فشل هو بداية طريق النجاح.
يقسو كثير من الناس على أنفسهم لاعتقادهم بأنَّهم غير جيدين في أمر ما؛ فعلى سبيل المثال: يظنون أنَّهم ليسوا جميلين أو مناسبين أو أغنياء أو ناجحين، أو أنَّهم ليسو آباء جيدين، وما إلى ذلك؛ فهذا هو صوت الناقد الداخلي الذي لا ينفك يحدِّثك عن عيوبك، لكن اعلم أنَّ هذا الصوت مخطئ.
يفخر كل منا بإنجازاته خاصةً في الأوساط المهنية، ويصور لنا المجتمع المثالية على هيئة أشخاص أكفاء وطموحين، لذلك يسعى العديد من الناس إلى المثالية ليكونوا مقبولين اجتماعيًا ويُنظر لهم على أنهم أشخاص متفوقين وناجحين.
التخلُّص من التفكير الذي يُملِي علينا ما يجب أن نقوم به وما يجب أن نفعله.
و قد تظهر هذه النزعة لديهم بالرغبة بالوصول للمثالية و الكمال في التصرفات أو الشكل الخارجي أو الدراسة أو العمل و في مختلف مناحي الحياة الأخرى ، و قد تظهر هذه النزعة لديهم أيضًا برفضهم لأي معيار قد لا يمثل حالة الكمال التى يسعون خلفها أو يقل عنها بشكل طفيف.
لا يزال هذا معيارًا عاليًا، لكنه أكثر واقعية من توقع عدم تفويت أي درجة.
ولكن يمكن أن يتحول الأمر إلى هوس يجعل الشخص يتوَق إلى الكمال في كل شيء.
لا بد لنا جميعاً، أن نقنع أنفسنا بقانون هام، هو أنَّنا حين نركِّز انقر هنا على الأشياء الخاطئة، ونعطيها أكثر مما تستحق من اهتمامنا، فإنَّنا سنتغافل عن الأمور الصحيحة والأشياء الإيجابية، بطريقة أو بأخرى، سواء بوعي أم بغير وعي.
وبدلاً من السعي الدائم نحو الكمال يمكننا التركيز على تحقيق التطور الشخصي والنمو الذاتي والتخلى عن عبء الكمالية الزائفة، مدركين أن القيمة الحقيقية لا تكمن في الكمال بل في رحلتنا وتطورنا كأفراد.
ويتجلى ذلك الأمر الآن في وسائل التواصل الاجتماعي الذي يجبرك على مقارنة نفسك بأشخاص تعرفهم أو حتى لا تعرفهم لمجرد أن تلقى استحسان الآخرين وهذا بدوره يفقدك ثقتك بنفسك وتقديرك الذاتي لأنك تحصل على قيمتك من خلال آراء الآخرين.
فمثلًا: الكمالُ في الصلاة؛ حيث إنني يجب ألا أسرحَ في الصلاة، وأن أفهمَ معنى كل كلمة أقولها!
إن وجدت طريقك إلى هذا المقال، فيعني هذا أنَّك تعدُّ نفسك تنشد الكمال؛ وإن كنت تقرأ عن كيفية التوقف عن كونك كذلك، فأنت تعلم أيضاً أنَّ دافعك نحو الكمال قد يكون نقمة بقدر ما هو نعمة.